تقوع الحدث - أمام منزل السيد تيسير أبو مفرح في بلدة تقوع، شرق بيت لحم، ينتصب حجر وردي ضخم، يزن نحو ثمانية أطنان، تم تجويفه في العصر البيزنطي ليكون جرناً عماداً، يستخدم لتعميد المؤمنين في كنيسة ما زالت بقاياها ظاهرة في خربة تقوع.
وتبدو عوامل الزمن مؤثرة على هذا الحجر الثماني الشكل، ويمكن ملاحظة ذلك من الرموز المتآكلة على جوانبه الثمانية، ولكنه ما يزال يحتفظ بألقه، دلالة على القيمة التي كان تتمتع بها الحجارة المستخرجة من محاجر إصليب في بيت جالا، والتي حولها الإسرائيليون بعد عام 1967 إلى مستوطنة جيلو، وأجهضوا بذلك تراث استخراج الحض المعلومات فتتبعناها، وعرفنا انه موجود في مدينة بيت جالا، ومغطى بأكياس الاسمنت، حتى تسنح الفرصة للسارقين تهريبه إلى الخارج، وتمكنا من إعادته».
ويقول تيسير أبو مفرجر من المنطقة الذي يمتد على الأقل إلى أكثر من 1600 عاما. ومن هذه المحاجر تم نحت العمدان الوردية وجرن العمّاد في كنيسة المهد.
وهذا الحجر المثير ليس في مكانه الطبيعي، وقبل سنوات كان يمكن رؤيته بجانب بقايا الكنيسة القديمة، في خربة تقوع الأثرية، ولكنه تعرض للسرقة، وحمله السارقون بواسطة ونش عملاق. دون أي اعتبار لقيمته التاريخية والأثرية.
يقول حاتم الصباح رئيس بلدية تقوع: «جرت عملية السرقة قبل أكثر من عشر سنوات، وبذل رئيس البلدية حينها سليمان أبو مفرح جهودا كبيرة لاسترجاع جرن العماد، توصلنا إلى بعح مدير بلدية تقوع: «أعدنا جرن العمّاد بعد جهد ومشاكل ونضال، واحترنا أين نضعه، فإذا أعدناه إلى مكانه السابق في الخربة، فسيظل عرضة للسرقة، خصوصا وان الخربة تقع ضمن مناطق جـ، ولا سيطرة لنا عليها، فوضعناه أمام منزلي ليبقى أمام أعيننا، حتى لا تتكرر عملية السرقة».
وحسب أبو مفرح، انه كان بجانب جرن العماد، أعمدة أثرية، ولكنها اختفت، والزائر لخربة تقوع، يرى مدى التخريب الذي أصابها نتيجة التنقيب غير الشرعي من قبل لصوص الآثار.
ويشبه جرن تقوع هذا، جرن العمّاد المهم في كنيسة المهد، وتم ذكرهما في كُنّاشة حبيب زبلح، وهو مواطن من بيت لحم، والكُناشة هي دفتر يدون فيه صاحبه من وقت لآخر يومياته وخواطره، ليطلع عليها أبناؤه وأحفاده.
ونشر الباحث حنا جقمان جزءا من هذه النكاشة وفيها يشير زبلح إلى وجود ثلاثة جرون عماد منحوتة من الحجر الوردي المستخرج من إصليب في كنيسة المهد، وخربة تقوع، وكنيسة بيت جبرين.
وإذا كان جرن العماد في كنيسة المهد محميا، ويمكن رؤيته في قاعة بين العمدان، وجرن تقوع تم استرجاعه، فإننا لا نعرف شيئا عن جرن بيت جبرين المحتلة منذ عام 1948.
ورغم نجاح بلدة تقوع في استرجاع الجرن، وحرصهم على الحفاظ عليه، إلا أن المخاطر ما زالت تتهدد الحجر الوردي، ليس فقط من وجوده في مكان غير ملائم، معرض للعوامل الجوية والتآكل، والإهمال، ولكن أيضا من الطامعين وهم كثر.
ويرى رئيس البلدية أن الحل هو بإقامة متحف يتم وضع جرن العماد فيه. وقال: «لدينا الطابق الأرضي من مبنى البلدية، ونفكر في جعله متحفا، فلدينا الكثير من الآثار، ومنها ما هو موجود لدى شرطة السياحة والآثار التي أخبرتنا أنها ستعيدها لتكون في المتحف المنتظر، ورفعنا كتابا لوزارة السياحة والآثار لعمل متحف، ولكننا لم نتلق أي رد».
وحتى يتم ذلك فالحجر الوردي في خطر حقيقي.
الكاتب عمر العمور رئيس تحرير موقع تقوع الحدث